والأصل أن الأديان السماوية واحدة في أصولها العقائدية، وإن اختلفت شرائعها باختلاف أزمنتها، وهذا ما بيَّنه القرآن وأكَّده: ﴿ شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحًا وَٱلَّذِىٓ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِۦٓ إِبْرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓ ۖ أَنْ أَقِيمُوا ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾ ، وقال تعالى: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾ .
بل قرَّر القرآن أن دين الله واحد، أنزل به جميع كتبه، وبعث به جميع رسله، وهو «الإسلام»، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلْإِسْلَـٰمُ ﴾ . فكل رسل الله كانوا مسلمين، ودعوا إلى الإسلام، ﴿ مَا كَانَ إِبْرَٰهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَـٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا ﴾ ، ﴿ وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَٰهِـۧمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَـٰبَنِىَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ ، وموسى قال لقومه: ﴿ يَـٰقَوْمِ إِن كُنتُمْ ءَامَنتُم بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوٓا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ ﴾ ، والحواريون أصحاب عيسى قالوا: ﴿ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ .
ومحمد خاتم الرسل بُعث بالإسلام ـ دين الرسل جميعًا ـ مصدقًا لما بين يديه ـ أي ما تقدَّمه ـ من الأديان، ومؤكِّدًا لما تضمَّنته كتبها من حقائق الدين، وقواعد السلوك، كما جاء القرآن مهيمنًا على تلك الكتب، مصحِّحًا لما أصابها من تحريف لفظي أو معنوي لكلمات الله فيها، متمِّمًا لمكارم الأخلاق التي جاء بها رسل الله من قبل، حتى تبلغ غايتها بعد أن بلغت البشرية أشدَّها، واستكملت رشدها.