فالداعية وحده هو ـ في غالب الأمر ـ الإدارة والتوجيه والمنهج والكتاب والمُعَلِّم، وعليه وحدَه يقع عبء هذا كلِّه.
وهذا يجعل العناية بتكوين الدعاة، وإعدادهم الإعداد المتكامل، أمرًا بالغ الأهميَّة، وإلَّا أُصيبت كلُّ مشروعات الدعوة بالخَيْبة والإخفاق، في الداخل والخارج؛ لأنَّ شرطها الأوَّل لم يتحقَّق، وهو الداعية المهيَّأ لحمل الرسالة.
ومن هنا كان لا بدَّ للداعية الَّذي يريد ـ أو نريد له ـ أنْ ينتصر في معركته على الجهل والهوى، والتسلُّط والفساد، أنْ يتسلَّح بأسلحةٍ شتَّى لازمة له في الدفاع والهجوم.
وأوَّل هذه الأسلحة ـ ولا ريب ـ سلاحُ الإيمان، فبدونه يبطل كلُّ سلاح، وتفشل كلُّ ذخيرة. وليس الإيمان بالتمنِّي، ولكنْ ما وقر في القلب وصدَّقه العمل.
وثاني هذه الأسلحة هو: الأخلاق، وهي من لوازم الإيمان الحقِّ وثماره، و«أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلقًا»(1).
وقد وصف الله سيِّد الدعاة من خلقه فقال:﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍۢ﴾[القلم: 4]وخاطبه بقوله:﴿رَحْمَةٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لَٱنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَٱعْفُ﴾[آل عمران: 159].
وثالث هذه الأسلحة هو: العلم أو الثقافة، فهذه هي العُدَّة الفِكْريَّة للداعية، بجوار العدَّة الرُّوحيَّة والأخلاقيَّة. والدعوة عطاء وإنفاق، ومَن