ولذلك إذا قلنا: قال الله، وقال الرسول. فما علينا إلا أن نسمع ونطيع، وإلا كان علينا أن نعود من جديد لنبحث: أنحن مسلمون أم لسنا مسلمين؟ فإذا كان هذا الأصل متَّفَقًا عليه، لم يبقَ إلا أن نبحث عن حكم الله ورسوله، وليس لنا أن نرفض، وليس لنا أن نجعل القضية موضع أخذ وردٍّ، أو جَذْب وشدٍّ. لا، فهذا ينافي الإيمان تمامًا، لا يسعنا إلا التسليم، لأنه لا يَسَع المخلوق أن ينازع خالقه، أو يسع المملوك أن يتمرَّد على مالكه، ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوٓا إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ ﴾ .
هذه حقيقةٌ يجب أن نقدِّم لها قبل كلِّ شيء، وأن نؤمن بها قبل أن نتحدَّث.
· الحقيقة الثانية: الغرب ليس سيِّدًا لنا ولسنا أتباعًا له:
وهي منبثقة من الحقيقة الأولى، أن الغرب ليس سيِّدًا لنا، ولسنا أتباعًا له، لم يخلقنا الله ذيولًا للغربيين، ولا عبيدًا لأحد، ولذلك لا يحتجُّ علينا أحد بأن المرأة الغربية تفعل كذا وكذا. وأن الحضارة من سماتها كذا وكذا. لأن الذي يتحدَّث عن الحضارة، يتحدَّث عن حضارة معيَّنة، هي حضارة الغرب، حضارة هذا العصر التي سادت ـ للأسف ـ المجتمع الدولي، ولكننا لسنا ملزمين بها، لنا خصائصنا الذاتية، ولنا حضارتنا الخاصَّة، فلسنا إذن مطالَبين أن نسير وراء الغرب.
من ناحية أخرى: لقد بدأ الغرب ينقد نفسه، بدأ بذلك كثير من الفلاسفة والمفكِّرين الغربيين، بل بدأت المرأة نفسها تشكو من آثار هذه الحضارة، على نفسيَّتها، وعلى حياتها، وعلى طبيعتها الأنثوية، وأنها في ظلِّ هذه الحضارة، فقدت أنوثتها، وفقدت سعادتها، وهذه حقيقة يجب أن نعرفها جميعًا: أن المرأة أصبحت اليوم «جنسًا ثالثًا»، لا هي بالرجل، ولا هي بالمرأة !