معًا، ويفوز بالحسنيين في الدنيا والآخرة جميعًا. وصدق الله العظيم: ﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا فَعِندَ ٱللَّهِ ثَوَابُ ٱلدُّنْيَا وَٱلْءَاخِرَةِ﴾ [النساء: 134]، ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِى هَٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةٌۭ ۚ وَلَدَارُ ٱلْءَاخِرَةِ خَيْرٌۭ ۚ﴾ [النحل: 30].
إن العبادات التي فرضها الدين إنما هي وسائل لتزكية نفس المؤمن وترقية روحه، وما أقل ما يُبذل فيها من جهد، إلى جنب ما يكسب وراءها من خير !
وإن المحرمات التي حظرها عليه الدين، إنما صان بتحريمها عقله وخُلقه ونفسه وماله وعرضه ونسله، فهو إنما﴿يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَىٰهُمْ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَٰٓئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلْأَغْلَٰلَ ٱلَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ﴾[الأعراف: 157].
والدين إذا حرَّم على الناس شيئًا عوَّضهم ما هو خير منه، مما لا يشتمل على مفسدة الشيء المحرَّم.
إن المؤمن لم يخسر شيئًا بعبادة الله سبحانه، واتقائه ما حرَّم الله عليه، وإنما ربح الهدى والاستقامة على الحقِّ، والثبات على الخير، والاستعلاء على الشهوات، وربح بعد ذلك هدوء النفس وطمأنينة الحياة.
وفي عصرنا هذا أصبح الناس يجرون وراء المنفعة لاهثين، حتى إن كثيرًا منهم ليرون الحق فيما ينفعهم، لا فيما يطابق الواقع، أو ما تقوم البراهين على صحته.
وقد قام مذهب برأسه ينادي بأن «المنفعة مقياس الحقيقة». ويصرُّ على أن المهم من كلِّ شيء هو نتائجه، وما يترتَّب عليه من آثار في حياتنا العملية. وعلى أن الصدق ليس هو مطابقة الخبر للواقع، بل