تبيَّن لي بطول الدراسة والممارسة أنَّ الرجوع المباشر إلى الكتاب والسُّنَّة يقترن دائمًا بالتخفيف والتَّيسير، والبعد عن الحرج والتعسير، على خلاف الرجوع إلى الفقه المذهبي الَّذي حمل على طول العصور كثيرًا من التشدُّدات، نتيجة الاتجاه إلى الأخذ بالأحوط غالبًا.

ينبغي للمسلم القادر المستطيع للحج أن يبادر بالحج، فقد قال الله تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}، وجاء في الحديث: «تعجَّلوا الحجَّ، فإنَّ أحدَكم لا يدري ما يَعْرِض له». فالصحيح قد يمرض، والقادر قد يَعْجِز، والحيُّ قد يموت، فخُذْ بالحزم والاحتياط، وتعجَّل الحجَّ.

عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «‏من أُفتي بغير علمٍ، كان إثمُه على من أفتاه». رواه أبو داود وابن ماجه.

لم يَرد أنَّ أهل الميِّت هم الذين يصنعون العَشاء للمعزِّين، بل الوارد أنَّ أقارب الميت أو جيرانه هم الذين يصنعون لأهل الميت الطعام، فعن عبد الله بن جعفر: لما جاء نعي جعفر حين قُتل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا لآلِ جعفرٍ طعامًا، فقد أتاهم أمرٌ يشغلهم».

الَّذِي يمثل رأي الإسلام في قضية ما، إنَّما هو قول الله تعالى، وقول رسوله صلى الله عليه وسلم. وكل أحد بعد ذلك يُؤخذ كلامه ويترك، فالقرآن الكريم وصحيح السُّنَّة النبويَّة هما وحدهما المصدران المعصومان.. وإنَّما يأتي الخلل من سوء الفهم لهما أو لأحدهما.

إن الَّذي نتقيد به ونلتزمه وجوبًا هو النص المعصوم من كتاب الله تبارك وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك بموجب عقد الإيمان: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36].

الرسول عليه الصلاة والسلام يسَّر كثيرًا في أمور الحج خاصَّة، فحين سُئل يوم النحر عن أمور شتى قُدِّمت أو أُخِّرت، قال لمن سأله: «افعلْ ولا حرج». كما أنَّه نهى في الحجِّ خاصَّة عن الغلوِّ في الدين، حين قال للفضل بن العباس، وقد التقط الحصى للرمي: «بمثلِ هذا فارمُوا، وإيَّاكم والغلوَّ في الدِّين، فإنَّما هلك من كان قبلكم بالغلوِّ في الدِّين».

مقصود الشرع من الخلق: أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم، وعقلهم ونسلهم، ومالهم وعرضهم، وأمنهم وحقوقهم وحرياتهم، وإقامة العدل والتكافل في أمة نموذجية، وكل ما ييسِّر عليهم حياتهم، ويرفع الحرج عنهم، ويتمِّم لهم مكارم الأخلاق، ويهديهم إلى الَّتي هي أقوم: في الآداب والأعراف، والنظم والمعاملات.

التحذير من فتنة النساء كالتحذير من فتنة الأموال والأولاد، ولا يعني أنَّ هذه النِعَم شرٌّ، وشرّ كلّها! بل يُحذر من شدة التعلق بها إلى حدِّ الافتتان، والانشغال عن ذكر الله. ولا ينكر أحد أن أكثر الرجال يضعفون أمام سحر المرأة وجاذبيتها وفتنتها، وخصوصًا إذا قصدت إلى الإثارة والإغراء، فإن كيدها أعظم من كيد الرجل. ومن ثمَّ لزم تنبيه الرجال إلى هذا الخطر.

إن كلَّ ما في الكون مكتوبٌ مسجَّل.. هذا معلومٌ من الدِّين بالضَّرورة، ولا شكَّ فيه، وإن كنَّا لا نعلم كيفية الكتابة، وماهيَّة الكتاب، وكلُّ الَّذي نعلمه أنَّ الله تعالى قد أبدع هذا الكون بأرضه وسمائه، وجماداته وأحيائه، على وَفْقِ تقديرٍ أزليٍّ عنده، وأنَّه أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كلِّ شيءٍ عددًا.

سنن الله في كونه وشرعه تحتم علينا الأخذ بالأسباب، كما فعل ذلك أقوى النَّاس إيمانًا بالله وقضائه وقدره، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أخذ الحذر، وأعد الجيوش، وبعث الطلائع والعيون، وظاهر بين درعين، ولبس المغفر على رأسه، وأقعد الرماة على فم الشعب، وخندق حول المدينة، وأذن في الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة، وهاجر هو بنفسه، واتخذ أسباب الحِيطة في هجرته.

إن عصرنا هذا خاصَّة أحوج ما يكون إلى فقه التيسير؛ لغلبة النزعة الماديَّة على العقول، وغلبة الشهوات على الأنفس، وازدحام الحياة المعاصرة بأمور كثيرة شغلت النَّاس عن دينهم، وعن حق ربهم عليهم، فكان علينا - أهل العلم والدعوة - أن نمسك النَّاس على الدين، ولو بخيط دقيق، حتَّى لا يتفلَّتوا منه سراعًا، وأن نحبب الله جل وعلا إليهم بتخفيف تكاليفه عليهم، ما وجدنا إلى ذلك سبيلا.

الأصل - فيما أرجِّحه - أنَّ الإجهاض لا يجوز إلَّا لعذر، وإذا كان قبل الأربعين الأولى فهو أخف، وخصوصًا إذا قوي العذر، أما بعد الأربعين الثالثة فلا يجوز بحال.